صندوق التنبيهات أو للإعلان

Recommend on Google
,

ضاهرة الانتحار?

ليست ظاهرة الانتحار وحدها مشكلة تواجهنا, بل هناك ظواهر عدة سلبية تكبّل مجتمعنا بتداعياتها الخطيرة التي تزداد حدتها ووتيرتها يوماً بعد يوم , لقد ازدادت هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة بشكل رهيب وغريب, ليست هناك إحصاءات دقيقة من قبل المؤسسات المختصة لظاهرة الانتحار في مجتمعنا لكنها تلاحظ من خلال الحوادث المتكررة في واقعنا , وللأسف الشديد مجتمعنا يفتقر إلى المؤسسات المختصة التي تبحث عن أسباب هذه الظواهر التي تحيط بنا من كل صوب , وتقدم الحلول الصحية لها, فقلة الكوادر والمؤسسات الأكاديمية العلمية في مجتمعنا دليل على عدم قدرتنا لمواكبة التطورات الهائلة التي تجري في هذا المجال .


أسباب ظاهرة الانتحار :
إنّ نسبة الانتحار تكون في أغلب حالتها بين الشباب والشابات المتزوجات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 17و25سنة , وتكون نسبة الانتحار بين الشابات أكثر من الشباب, قد تختلف أسباب الانتحار من مجتمع لآخر , كما تختلف بين الجنسين , إلا أن الأسباب في مجتمعنا تقريباً واحدة فمن هذه الأسباب :
- الزواج المبكر : لا شك أن الزواج تحت السن 20 يسبب مشاكل جمة , بسبب افتقار الزوجين إلى التجربة الحياتية الكافية لمواجهة ضغوطات الحياة , وبالتالي تصطدم الحياة الزوجية بتحديات خطيرة تؤدي في النهاية إلى الانتحار أو الطلاق أو ... .
- الأوضاع المعيشية الصعبة :انتشار البطالة في مجتمعنا بشكل كبير أدى إلى ازدياد وتيرة المشاكل بقوة في الأسرة , ويكون أغلب مشاكلنا إثر تداعيات هذه الأوضاع المعيشية الصعبة .
- الأمراض النفسية : كالاكتئاب والوسواس القهري والهستيريا والصرع والقلق النفسي, وغيرها من الأمراض التي تؤدي إلى التخلص من معاناة الحياة إثر عدم تحملهم للضغوطات التي يلقونها.
- التجارب العاطفية الفاشلة : بين المحبين والأزواج وخاصة عند الحياة العملية.
- الخوف من الفشل الدراسي : في أحيان كثيرة لا يمتلك الطالب القدرة على تحمل ضغط المناهج الدراسية التي تقوم على الحفظ والبصم ,على أنّ الخوف يؤدي إلى تلك النتيجة .
الحـــــــــل يقع على عاتق الأهل والمؤسسات التربوية في مجتمعنا من خلال تنمية الشخصية الواعية لدى الجيل الجديد، ومساعدتهم على تخطِّي وتجاوز الصراعات والإحباطات والمشاكل التي يتعرضون لها ,و أيضا يتحمل الرجل في الأسرة المسؤولية الكبيرة في كيفية التعامل السليم مع المرأة ,أو مع الجنسين اللذين يكونان في أول شبابهما , فإن تخلي الرجل عن مفاهيمه القبلية يشكل عاملا ًمهماً في استقرار الأسرة , ثمّ نحن بحاجة حقيقةً إلى نظريات علمية جديدة في واقعنا لنستفيد منها في تربية أجيال المستقبل بطرق منهجية وعلمية , و إلا سنكون في عداد مجتمعات ميتة.

والسؤال: ماذا عن كتاب الله تعالى؟
ولذلك نجد أن القرآن العظيم لم يهمل هذه الظاهرة، فقد أعطى أهمية كبرى حول هذا الأمر وعلاجه فتحدث بكل بساطة ووضوح عن هذا الأمر. بل أمرنا أن نحافظ على أنفسنا ولا نقتلها فقال: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) [النساء: 29]. إنه أمر إلهي يجب ألا نخالفه.
ولكن هل يكفي هذا الأمر لعلاج هذه الظاهرة الخطيرة؟ لا، لأن الدراسات الحديثة تؤكد على ضرورة بث الأمل لدى أولئك اليائسين المقدمين على الانتحار، وضرورة معاملتهم معاملة رحيمة. ولذلك نرى مئات المواقع والمراكز قد خصصت لعلاج ومواساة من لديه ميل نحو الانتحار أو يحاول ذلك.
ولذلك فقد أتبع الله تعالى أمره هذا بخبر سار لكل مؤمن، يقول تعالى (إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) [النساء: 29]، إنه نداء مفعم بالرحمة والتفاؤل والأمل. ولكن لماذا هذا النداء؟
إذا علمنا بأن معظم حالات الانتحار سببها فقدان الأمل من كل شيء عندها ندرك أهمية الحديث عن الرحمة في هذا الموضع بالذات.
ولكن هل يكفي الحديث عن الرحمة والأمل؟ لا، لأن بعض الناس لا يستجيبون لنداء الرحمة، ولا بدّ من تخويفهم من عواقب الانتحار. ويؤكد العلماء في أبحاثهم عن منع الانتحار أنه لا بدّ من تعريف الأشخاص ذوي الميول الانتحارية إلى خطورة عملهم وعواقبه وأنه عمل مؤلم وينتهي بعواقب مأساوية.
وهذه الطريقة ذات فعالية كبيرة في منعهم من الانتحار. وهذا ما فعله القرآن، يقول تعالى في الآية التالية مباشرة: (وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا) [النساء: 30]. وتأمل معي هذا العقاب الإلهي: (فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا) إنها بحق نتيجة مرعبة لكل من يحاول أن يقتل نفسه.
من هنا ندرك أن القرآن العظيم لم يغفل عن هذه الظاهرة بل عالجها العلاج الأمثل. ولذلك نجد أن أخفض نسبة للانتحار هي في العالم الإسلامي!!! وذلك بسبب تعاليم القرآن الكريم. بينما يعاني الغرب من عدم وجود تعاليم تمنعه من الإقدام على الانتحار فتجد نسبة الانتحار عالية لديهم.
بين الأسطورة والعلم والقرآن
عندما نزل القرآن العظيم كانت هنالك مجموعة من المعتقدات عند الشعوب، ومن هذه المعتقدات أنه لا ينبغي الحديث عن الانتحار لأن ذلك سيشجع على الانتحار (5) ولو كان القرآن كلام محمد صلى الله عليه وسلم وأنه قد جمعه من الأساطير السائدة في عصره كما يدعي بعضهم، إذن كان الأجدر به ألا يتحدث عن الانتحار! استجابة للأسطورة التي تمنع الحديث عن هذه الظاهرة.
ولو كان القرآن كلام بشر كما يدعون إذن كيف علم بأن العلاج الفعال للانتحار هو إعطاء جرعة من الرحمة والأمل للشخص وإعطائه بنفس الوقت جرعة من الخوف من عواقب هذه العملية؟ كيف علم هذا البشر بعلاج الانتحار قبل أن يكشفه العلماء بأربعة عشر قرناً؟؟
إن وجود هذه الحقائق العلمية دليل صادق لكل من لديه شك بأن القرآن كتاب صادر من عند الله القائل: (قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا) [الفرقان: 6].
لنقرأ النص الإلهي كاملاً ونتأمل ما فيه من خطاب مليئ بالرحمة، يقول تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (28) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا * إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا) [النساء: 26-31].
ولا نملك في نهاية هذا البحث إلا أن ندعو بدعاء النبي الكريم والذي كان أكثر دعائه: "اللهم قنا عذابك يوم تبعث عبادك".

تعديل الرسالة…

هل تريد التعليق على التدوينة ؟